السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بسم الله الرحمن الرحيم
تقوم الإدارة في الأنظمة القانونية الحديثة بنوعين من الأعمال ، فتارة يصدر عنها أعمال مادية تقوم بها تنفيذا لقانون معين أو تنفيذا لقرار إداري ، وتارة أخرى تقوم بأعمال قانونية تحدث أثرا في
المركز القانوني للغير المعني بالعمل .
وأعمال الإدارة القانونية ليست من صنف واحد ، فهي أحيانا تقوم بالعمل بإرادتها المنفردة دون مشاركة من الطرف المعني بالعمل وتتجلى صورة ذلك في القرار الإداري ، وإلى جانب ذلك تدخل
الإدارة في روابط عقدية كثيرة بهدف قيامها بنشاطها واضطلاعها بأعباء الخدمة العامة وتلبية حاجات الجمهور ، وهي وسيلة لا تقل أهمية على القرارات الإدارية ، ومن أجل ذلك تدخل المشرع
معترفا للإدارة بأهلية التعاقد بغرض تمكينها من تحقيق الأهداف المنوط بها ، وهذا ما يصطلح عليه بنظرية العقد الإداري .
إن نظرية العقد الإداري نظرية من منشأ قضائي أرسى قواعدها ومبادئها القضاء الفرنسي بعد أن اقتنع بعدم صلاحية نصوص القانون المدني كأصل عام لتحكم العقد الإداري وهذا بحكم اختلاف
الهدف من العملية التعاقدية ذاتها ، فالعقد المدني يسعى إلى تحقيق المصلحة الخاصة لأطراف الرابطة العقدية ، أما العقد الإداري فيسعى إلى تحقيق المصلحة العامة ، وإذا كان العقد المدني حقق السبق من حيث الوجود وحقق الفضل من حيث أن بعض قواعده انتقلت للعقد الإداري ، إلا أن تميز العقد الإداري من حيث الهدف ومن حيث الأطراف يفرض تخصيصه بأحكام مستقلة عن تلك المقررة
على صعيد القانون المدني .
ونظرا لقيام العقد الإداري على فكرة تغليب الصالح العام على الصالح الفردي ، في حالة التعارض بينهما ، فان الإدارة تتمتع وهي بصدد إبرامه وتنفيذه بسلطات واسعة يختل معها مبدأ الحفاظ على
التوازن بين مصلحة طرفي العقد المعمول بها في مجال العقود المدنية .
إن الإدارة المتعاقدة بمقتضى ما منحت من سلطات استثنائية مستمدة من كونها سلطة عامة أن تشرف على المتعاقد معها وتوجهه أثناء تنفيذه للعقد ولها في هذا الإطار أن توقع عليه جزاءات وبإرادتها
المنفردة تصل إلى حد فسخ التعاقد ، بل إن للإدارة الحق في إلغاء التعاقد دون أن ينسب للمتعاقد معها خطا إذا لم يكن متوافقا مع المصلحة العامة أو لزوال المصلحة التي استوجبت إبرامه ، كما
يترتب للإدارة كذلك الحق في تعديل شروط العقد أثناء تنفيذه أو بعد إبرامه ، وهذا الامتياز الأخير المخول للإدارة يتعارض مع مبدأ أساسي معمول به في عقود القانون الخاص والذي يطلق عليه بمبدأ
ثبات العقد .
إن مبدأ ثبات العقد المعمول به في عقود القانون الخاص قد لا يتماشى أحيانا وأوضاع الإدارة في تحقيقها للمصلحة العامة نظرا للمستجدات التي قد تطرأ ، فكان للإدارة من أن تخرج عن هذا المبدأ
كي تستطيع الوصول إلى تحقيق أهدافها المرجوة من التعاقد ، وذلك بإخضاع عقودها الإدارية إلى مبادئ أخرى تحقق هذا الغرض ، ومن جملة هذه المبادئ الجديدة تدخل في إطار ما يصطلح عليه
بنظرية عدم ثبات العقد الإداري ، أو نظرية مرونة العقد الإداري ويتضح أثر هذه النظرية بشكل خاص على مدى الالتزامات المتبادلة في العقد الإداري، حيث لا يمكن إلزام الإدارة بتطبيق مبادئ
وأحكام وقواعد القانون الخاص التي تضمنتها التشريعات المدنية الحديثة التي تسلم بأن العقد شريعة المتعاقدين ، إذ لا يجوز لأحد طرفيه أن يقوم بتغيير جوهر العقد والتزاماته المنصوص عليها بحجة
ظهور ما يستلزم ذلك .
إلا أنه في مجال العقود الإدارية ، فان الالتزام بمبدأ ثبات العقد على النحو الذي يعمل به في مجال عقود القانون الخاص لا يتفق مع المستجدات التي تتغير بتغير الزمن، فمن واجب الإدارة في هذه
الحالات أن تتدخل لتعديل نصوص العقد بما يضمن حسن سير وانتظام المرفق العام، فمسؤولية الإدارة عن تنظيمه وتسييره استلزمت منحها سلطة تعديل شروط التعاقد بالزيادة أو النقصان أو
بالتغيير أو التبديل ، لا سيما أن من القواعد الضابطة لسير المرافق العامة قابلية المرفق العام للتعديل والتغيير، ولا يقبل أن تقف الإدارة مكتوفة اليد وتعجز عن تنفيذ واجباتها نحو تعديل نظام سير المرفق العام لمجرد أن المتعاقد معها فرض عليها بمقتضى العقد الوقوف جامدة أمام الحاجة إلى التغيير .
فالإدارة تستطيع دائما أن تعيد النظر في موقفها بالنسبة إلى أوضاع تنفيذ المرفق المسؤولة عنه حتى في أثناء تنفيذ العقد كلما اتضح أن الأوضاع المحددة في العقد لم تعد تتوافق مع الصالح العام .
ومن المفيد الإشارة إلى أن جميع التشريعات الحديثة المقارنة اعترفت صراحة للإدارة المتعاقدة بسلطة تعديل عقودها الإدارية كلما اقتضت ضرورة المصلحة العامة ذلك.
وقد اعترف المشرع الجزائري للإدارة بسلطة تعديلها لعقودها الإدارية في إطار ما يعرف بالملحق ، وهذا من خلال التنظيم المقرر للصفقات العمومية عبر مراحله وبنصوص قانونية مختلفة تفاوت في
قوتها القانونية ، بداية بالأمر إلى المرسوم التنفيذي إلى القرارات الوزارية وصولا إلى المرسوم الرئاسي ، مما يثبت الأهمية البالغة لهذا الموضوع .
كما أن المشرع الجزائري من خلال تنظيمه لقانون الصفقات العمومية فقد تناول بصورة واضحة ودقيقة النظام القانوني للصفقة العمومية ، دون أن يتعرض صراحة وبالتفصيل إلى النظام القانوني
المقرر للملحق في الصفقة ، وتبدو هنا جليا أهمية الموضوع محل الدراسة مما يستدعي تسليط الضوء على أهم الأحكام والقواعد المنظمة لآلية الملحق .
النظام القانوني للملحق في الصفقة العمومية في
الجزائر
للطالبة: شقطمي سهام
حمل بعد وضع رد
كل رد او تعليق غير لائق يعرض صاحبه للحظر النهائى من المنتدى
شُكرآ لك على المرور
مع السلامه