في التنظيم الإداري الجزائري تتمتع الجماعات المحلية بالشخصية المعنوية والاستقلال المالي ، وعلى السلطات المحلية أعداد وتنفيذ ميزانيتها السنوية التي تختلف تماما عن ميزانية الدولة إلا أن هذه الجماعات المحلية يحب أن تأخذ بعين الاعتبار عند إعداد ميزانيتها كل التوجيهات الحكومية لإدراج بعض النفقات الضرورية التي تراها تتماشى والخطة التنموية الشاملة للبلاد.
وفي إطار الاختصاصات المخولة لبلدية تقوم هذه الأخيرة بتسيير مصالحها الضرورية وتلبية حاجات سكانها ، وانطلاقا من تشعب العمليات المالية التي تنتج عن تسيير هذه المصالح ، فانه لا يمكن الاعتماد على تسجيل الإيرادات والنفقات في سجل أدى وبصفة مبسطة وفي هذا الشان تقرر وضع وثيقة رسمية تسمح بتحديد عمليات تحصيل الأموال من مختلف المصادر و إنفاقها حسب برنامج دقيق ومفصل وفي مد زمنية محددة وهذه الوثيقة تسمى الميزانية.
تعريف الميزانية :
الميزانية هي وثيقة محاسبية تقديرية للإيرادات والنفقات العمومية يتم إعدادها لدورة معينة مصادق عليها من طرف السلطة التشريعية.
" ميزانية البلدية هي جدول التقديرات الخاصة بإيراداتها ونفقاتها السنوية وتشكل كذلك أمر بالإذن والإدارة تمكن من حسن سير المصالح العمومية "
1 - الميزانية نظرة توقيعية مستقبلية:
تعتبر الميزانية سجلا يتضمن توقعات السلطة التنفيذية – ستنفقه أو ما ستحصله من مبالغ خلال مدة زمنية محددة تقدر عادة سنة واحدة وتعكس الميزانية بما تحتوي من نفقات وإيرادات والمبالغ المرصودة لكل منهما، برنامج عمل الحكومة في الفترة المستقبلية على الصعيد السياسي، الاقتصادي والاجتماع.
2- الميزانية تتطلب الأفراد أو الترخيص من السلطة المختصة :
تختص السلطة التشريعية باعتماد الميزانية أي بالموافقة على توقعات الحكومة لنفقات والإيرادات عن سنة مقبلة فلا تستطيع الحكومة أن تقوم بتنفيذ الميزانية إلا إذا تم ترخيصها من قبل السلطة التشريعية وفي حدود هذه الرخصة، وقد مر حق السلطة التشريعية وفي حدود هذه الرخصة، وقد مر حق السلطة التشريعية في إقرار و الترخيص للميزانية بمسيرة طويلة حتى أصبح من المبادئ الدستورية الأساسية في الأنظمة السياسية المعاصرة، ويعتبر هذا الحق من أقوى الحقوق التي تتمتع بها السلطة التشريعية، إذ بواسطته تستطيع هذه الأخيرة مراقبة أعمال الحكومة في جميع المجالات بل وتستطيع السلطة التشريعية في الدول الديمقراطية إسقاط الحكومة عن طريق نقص الموافقة على الميزانية المقدمة منها مما يؤدي في نهاية المطاف إلى إجبار هذه الأخيرة على الاستقالة، أو إلى حل السلطة التشريعية ذاتها .
يمر إعداد الميزانية بمراحل وإجراءات معنية تلتزم السلطة التنفيذية نفسها بها، ولكنها عند اتخاذ هذه الخطوات تراعي مجموعة من المبادئ والقواعد التي يقررها على المالية العامة التقليدي وهي بصدد إعداد هذه الميزانية وعليه سوف تتطرق للمبادئ العامة التي تمكن تحضير الميزانية ثم إلى إجراءات تحضير وإعدادها.
المبادئ العامة التي تحكم تحضير الميزانية:
يتعين على السلطة التنفيذية وهي بصدد تحضير الميزانية أن تضع في اعتبارها عدد من المبادئ العامة التي تحكم الميزانية والتي صارت من البديهيات في علم المالية العامة وتتمثل هذه المبادئ في :
مبدأ السنوية :
يقصد بسنوية الميزانية أن تقديرات وتنفيذ لإيرادات والنفقات الواردة في الميزانية تقدر في فترة قدرها سنة من أول جانفي وينتهي في 31ديسمبر من نفس السنة. ولا يمكن أن تكون أقل من سنة أو أكثر فإذا كانت تقديرات الدولة لنفقاتها لأكثر من سنة فإن هذه الأخيرة تكون أقل من سنة فإن هذه الأخيرة تكون بعيدة من الواقع الاقتصادي .
مبدأ الشمولية والموازنة:
ونعني بمبدأ الشمولية أنه يجب أن يشتمل تقديرات الميزانية العامة على أخذ النفقات والإيرادات العامة بمعنى أنها تشتمل المبلغ الصافي بغرض تسهيل عملية المراقبة من طرف الهيئات المعنية، ولابد أن تكون الإيرادات والنفقات متوازنة، ويعتبر هذا المبدأ أساسي بالنسبة لسير ميزانية الجماعات المحلية.
إن فكرة توازن الميزانية العامة للدولة قائمة على منطق المفكرين الكلاسيك بأنه "عند احتلال توازن الميزانية تضطر الدولة للافتراض، حيث أن القروض العامة تأتي لزيادة نفقات السنوات القادمة مادام أنه يجب اهتلاكها ودفع الفوائد عنها مما قد يؤدي إلى تضخيم العجز الميزاني".
ولمواجهة وضعية مثل هذه تضطر للافتراض من جديد مما يجعلها رهينة ظاهرة المديونية والتي تجعل بتعويض الأسس المالية للدولة وعجزها عن تأدية وظائفها في المجتمع
دائما وفي سياق التفكير الكلاسيكي لما تعجز الدولة عن الاقتراض ستلجأ لأسلوب أخر يتمثل في البنك المركزي والإصدار النقدي.
مبدأ تسلسل النفقات :
من أجل تسير مصالح البلدية بصفة جيدة وتقديم الخدمات للأفراد، لابد على الجماعات المحلية أن تأخذ بعين الاعتبار مبدأ التسلسل في تسيير النفقات، فتقوم بإنفاق الأموال اللازمة لذلك والمتمثلة في النفقات الإجبارية وهي نفقة ملزمة وغير قابلة للتخصيص تنص عليها القوانين لسير المصالح العمومية .
مبدأ عدم تخصص الإيرادات وعدم تصرف الجماعات المحلية في المداخيل التي لا يرخصها القانون:
ويعني هذا المبدأ أنه لا يجب أن نخصص إيراد ذو طبعة معينة لتغطية نفقة معينة وإنما لكل الإيرادات المحصل عليها مخصصة للنفقات باستثناء الإيرادات المقيدة بتخصيصات معينة (مكفوفين، عجزن بناءات مدرسية......الخ) فلا يمكن لرئيس البلدية مثلا تخصيص هذه الإيرادات لنفقات أخرى، كما لا يجوز لرئيس المجلس الشعبي البلدي تخصيص نفقات لا تعود بالفائدة على البلدية، وبالتالي فهو ملزم بالإتفاق إلا في حدود ما ينص عليه القانون.
وهكذا لا بد أن يكون الشغل الشاغل ارؤساء المجالس الشعبية البلدية في البحث عن حلول تؤدي إلى إحداث التوازن بين الإيرادات والنفقات، وبالتالي التمكن من تغطية نفقات السير ونفقات التجهيز ولاسيما مع محاولة التقليل من إرتفاع النفقات المحلية.