تكرست مع الوقت ظاهرة لطالما عبر العديد من المثقفين والإعلاميين عن اشمئزازهم منها في العديد من المهرجانات واللقاءات التي تنظم هنا وهنا في الجزائر، ، كل هذا ليس إلا لإشفاء عقدة النقص عند منظمي تلك المهرجانات. وهدا ما يدفعنا لطرح تساؤلات مهمة تمثلت كيف هو واقع ومستوى المهرجانات والملتقيات الثقافية في الجزائر؟، وإلى أي مدى خدمت هذه المهرجانات الثقافة الجزائرية، وماذا أضافت لها، وهل تمكنت من إبراز كتاب وقدمتهم إلى المشهد الثقافي والأدبي وأسهمت بشكل ما في الإضاءة حول أعمالهم وكتاباتهم بما يليق بالإبداع والمبدعين حقا، أم أنها لا تعدو أن تكون مجرد ترف متجدد في حلقة المشهد الثقافي الجزائري إجمالا وتحت عناوين و ملصقات اشهارية ثقافية مختلفة. وهو ما جعنا نطرح تساؤلا حول مكاسب وكذا خاصياتها، ومآزقها وأيضا ما الجدوى من هذه المهرجانات؟ حول هذه المسألة وإشكالاتها والتباساتها،يتحدث بعض الكُتاب والأدباء عن الموضوع أكثر في هدا الملف الثقافي.

تخضع للأهواء الشخصية والصدفة و هي أسيرة مجموعة المنظمين
تطرح جملة أسئلة حول المهرجانات الثقافية من حيث الجدوى والفعالية والوصول إلى الغاية التي سطرها منظموها. بل ويذهب البعض إلى عد هذه المهرجانات الثقافية إهدارا للمال العام خاصة وأن جميع هذه التظاهرات الثقافية ممولة من الخزينة العمومية عبر مختلف الهيئات الثقافية سواء أكانت في المستوى المحلي أو الوطني. والسؤال الأكثر إلحاحا هو: هل نحن فعلا بحاجة لمثل هذه الأنشطة والفعاليات الثقافية في الوقت الذي يفترض أن تصرف الأموال المخصصة لها في قضايا أكثر أهمية؟.إن المتتبع للشأن الثقافي في الجزائر يسجل حركية كبيرة في الأنشطة والفعاليات التي تؤثث المشهد الثقافي على مدار السنة، وهذه الفعاليات تتباين في أهميتها وفعاليتها وتفاعلها مع الجمهور المتلقي.وإذا كنا نقر أننا مجتمع بحاجة إلى تثمين الحركية الثقافية والتمكين لها عبر وسائط متعددة منها المهرجانات الثقافية فإننا نرى بأن الفعل الثقافي في الجزائر غير خاضع لإستراتيجية دولية تتولى النخبة التنظير والتأسيس لمساراتها بما يخلق ديناميكية ثقافية منسجمة مع نظرة متكاملة لبناء ثقافة جزائرية تملك الخصوصية المحلية ومنفتحة على آفاق العالمية فالجزائر البلد الوحيد في العالم الذي يغيب الباحثين والنخب المثقفة من الجامعيين عن تنظيم وتأطير الفعاليات الثقافية ويجعل الإدارة هي صاحبة الرأي الفصل، فقد يتدخل مدير ثقافة في ولاية من الولايات ليلغي مؤتمرا أدبيا متميزا مثل ملتقى بن هدوقة على سبيل المثال، دون أن يقدر القيمة والأهمية التي لمثل هذا الملتقى الذي صار محجا للباحثين والطلبة الجامعيين.إن المهرجانات الثقافية ضرورة اجتماعية لكنها بحاجة إلى ترشيد وإعادة تأهيل، حتى تؤدي دورا يناسب ما تستهلكه من أموال دافع الضرائب الجزائري. إن النشاط الثقافي ضرورة مجتمعية حيوية تنفق عليها كل المجتمعات لإثبات وجودها وتثمين خصوصيتها وتأهيل أفراد المجتمع بما ينسجم وسياقات الحركة الثقافية العالمية لاسيما ونحن الآن نعيش عالما متعدد الوسائط متعدد الثقافات. فالفعل الثقافي في الجزائر سواء أكان عبر المهرجانات الثقافية أو غيرها، عليه أن يندرج في سياق إستراتيجية شاملة تؤسس لقيم الهوية الوطنية والعودة إلى الذات بعيدا عن كل المركزيات مهما كانت، وترسيخ قيم ثقافة المجتمع الجزائري المتعدد الأبعاد بعروبته ومزوغته و زنوجته. وإقامة مصالحة مع الذات ومع التاريخ والذاكرة الجماعية.