بعد فحص المبيع و إخطار البائع بالعيب في فترة معقولة و لم يجد الإخطار، كان للمشترى الحق في رفع دعوى الضمان خلال سنة من وقت تسلم المبيع تسلما فعليا لا حكميا، لأن في التسلم الفعلي تنتقل حيازة المبيع إلى المشترى حيث يتمكن من فحص المبيع و الإطلاع عليه، و لعل تحديد هذه المدة سنة واحدة من وقت التسليم، تبررها اعتبارات معينة تقوم على أساس تأمين الاستقرار في التعامل و بعث الثقة فيما بين المتعاقدين، وحتى لا يبقى البائع أيضا مهددا بموجب الضمان لمدة طويلة، مما يؤثر على استقرار المعاملات و تجيز المادة 383/1 مدني جزائري الاتفاق على مدة أطول من السنة حيث نصت : "...ما لم يلتزم البائع بالضمان لمدة أطول ".
أما إذا تعمد البائع إخفاء العيب غشا منه، فلا تسقط دعوى الضمان هاته إلا بمرور 15 سنة من وقت البيع، أي طبقا للقواعد العامة.
ثالثا: آثار هذه الدعوى
كما سبق القول، فإن المشترى بعد إخطاره للبائع، يجب عليه أن يرفع دعوى الضمان و هذه الدعوى تتمثل إما في حق الفسخ في كل المبيع أو في جزء منه، أو في المطالبة بالتنفيذ العيني (أي استبدال الجزء المعيب بآخر سليم)، و لكن هذا التنفيذ العيني لا يخل بحق المشترى في طلب تعويض عن الضرر الذي أصابه بسبب وجود العيب.
و بالرجوع للمادة 381/1 ق.م.ج "إذا أخبر المشترى البائع بالعيب الموجود في المبيع في الوقت الملائم، كان له الحق في المطالبة بالضمان وفقا للمادة 376" و يلاحظ من خلال هذه المادة أن المشرع يقرب بين ضمان العيب الخفي وضمان الاستحقاق، فوجود العيب ينقص من الانتفاع بالمبيع ويكون المبيع بالتالي قد استحق جزئيا من حيث استعماله إلا أنه مع ذلك يجب التفرقة بين ضمان العيب الخفي و ضمان الاستحقاق.
إن الإنقاص في حالة الاستحقاق الجزئي يرجع إلى سبب خارج عن المبيع و هو الحق الذي يدعيه الغير على المبيع.
أما الإنقاص في حالة العيب الخفي يرجع إلى الشيء ذاته فاستنادا إلى المادة 381 التي تحيلنا إلى المادة 376حيث نجد الفقرة الأولى منها تعرض حالة الاستحقاق الجزئي الجسيم قياسا على العيب الخفي الجسيم، و الفقرة الثانية من المادة 376 تعرض لحالة "الاستحقاق الجزئي غير الجسيم قياسا على العيب الخفي غير الجسيم".
الحالة الأولى : حالة العيب الجسيم
معيار العيب الجسيم هو العيب الذي لو علمه المشترى وقت البيع لما أقدم على الشراء، ومتى كان الأمر كذلك رد المشترى المبيع و ما أفاد منه من ثمار إلى البائع و في مقابل ذلك يطلب تعويضا شاملا لكافة العناصر التي استعرضتها المادة 375 ق.م.ج و هذا في حالة ما إذا اختار دعوى الضمان، أما إذا اختار المشترى دعوى الفسخ، فله أن يسترد الثمن الذي دفعه للبائع و ليس قيمة المبيع عند ظهور العيب، وله أن يطالبه أيضا بالتعويض إن كان له محل.
و المشرع اللبناني أورد في المادة 455 موجبات لبناني: إن المشترى لا يحق له الاسترداد و لا خفض الثمن إذا كان غير قادر على رد المبيع في الأحوال التالية:
* إذا كان المبيع قد هلك بقوة قاهرة أو بخطأ المشترى، أو من أشخاص هو المسئول عنهم.
* إذا كان المبيع قد سرق أو انتزع من المشترى.
* إذا حول المشترى المبيع إلى شكل لم يبق معه صالحا لما أعد له في الأصل.
الحالة الثانية: حالة العيب غير الجسيم
معيار العيب غير الجسيم هو متى لم يبلغ حدا من الجسامة بحيث لو علمه المشترى لأقدم على الشراء، لكن بثمن أقل فالمشترى في هذه الحالة ليس له رد المبيع، و إنما له أن يطالب البائع بتعويض عما أصابع من ضرر بسبب العيب، أي يطالبه بالفرق بين قيمة المبيع سليما و قيمته معيبا، و بمصروفات دعوى الضمان، أي بوجه عام عما لحقه من خسارة وما فاته من كسب، فإن أمكن إصلاح العيب، طالب المشترى البائع بإصلاحه بدلا من التعويض، المادة 376 ق.م.ج .
فإن هذا التعويض إذا ثبت للمشترى، فإنه قد يزيد أو ينقص تبعا لما إذا كان البائع سيء النية أو حسن النية (أي عالما بالعيب أو غير عالم به) فإن كان عالما به فإنه يسأل عن كل الضرر، الضرر المباشر و الضرر غير المتوقع أما إذا كان حسن النية، فإنه لا يسأل إلا عن الضرر المباشر المتوقع فقط.