القطع الأقل ضرراً
إن حسن الإدارة في مجال إنتاج الخشب والعناية بالغابات والحذر في قطع الأشجار يقلل من حجم الإضرار ويساعد في تقليص انبعاث غاز ثاني أكسيد الكربون. هذه هي بعض النتائج التي توصل إليها الفريق الدولي المكون من علماء الأحياء وإنتاج الأخشاب والمستندة إلى مجموعة من الأبحاث التي تمت في الأدغال الماليزية. من بين هؤلاء الباحثين الهولندي بيتر زايدما من جامعة أوترخت الذي يشرح لنا أن القليل من التغيير في الطرق المتبعة يمكن أن يحدث فرقا كبيرا في النتيجة، فعلى سبيل المثال “عندما تستعين بمنشار كهربائي لقطع الأشجار فتسقط في اتجاه معين وتسبب أقل ما يمكن من الضرر. وعندما تسير من على جرافة وسط الغابة وأنت بشيء من الانتباه للأماكن و المسارات التي تسير عليها فإن ذلك ينتج عنه القليل من الأضرار. وبهذه الطريقة يمكننا أن نقلل بنسبة 50% من حجم الخسائر التي نلحقها بالأشجار الباقية التي لا نقطعها و هذا يعني أن نسبة كبيرة من ثاني أوكسيد الكربون ستبقى في النظام البيئي ولا تلوث الهواء.
يؤدي العمل على هذا النحو إلى خفض هائل لانبعاث ثاني أكسيد الكربون.ووفقا لنموذج الحسابات التي قام بها بيتر زايدما فإن هكتارا واحدا من أشجار الغابات يحتوي على 200 طن من ثاني أكسيد الكربون. إن سوء إدارة واستغلال الغابات يسبب الضرر للمناطق المجاورة بأكملها، فالأشجار التي يتم قطعها تتسبب هي الأخرى في سقوط وتكسر أشجار أخرى أثناء عملية القطع فالأراضي تجف كما أن المناطق المشجرة من النادر أن تستعيد غطاءها الأخضر. وفي مثل هذه الحالات تحتفظ الأراضي المشجرة بنحو 100 طن من ثاني أكسيد الكربون أما الباقي فينتشر في الغلاف الجوي والأخشاب المتعفنة لذلك فإن ثاني أكسيد الكربون في نهاية المطاف سيقوم بتلويث الهواء.
إعادة نمو الاشجار
حتى عملية قطع الأشجار بعناية و حذر تسبب هي الأخرى ضررا، لكن تلك الأضرار تكون بشكل اقل وما اكتشفه العلماء هو أن العناية الفائقة في عمليات قطع الأشجار تساعد مستقبلا في إعادة نمو تلك الأشجار وبطريقة أسرع أيضاً. وقد أظهرت الدراسات التي أقيمت في غابات ماليزيا هذه النتيجة، وبمرور اثنتي عشرة سنة تكون الغابة قد استعادت الغطاء الأصلي لها من الأشجار.و يصف بيتر زايدما ذلك بأنه قطعٌ محايد مناخياً. وهذا النهج في عمليات إنتاج الأخشاب- المعروفة بالقطع الأقل ضررا للأشجار- يمكن أن يساهم في خفض معتبر لمكيات ثاني أكسيد الكربون المنبعثة وخاصة إذا ما اعتمدت هذه الطريقة على نطاق واسع.
يقول بيتر زايدما “على المستوى العالمي نحن نقدر (رغم أنها إحصاءات غير دقيقة) أن 90% من إنتاج الأخشاب في المناطق الاستوائية غير منظم بطريقة جيدة، وهذا يعني تقريبا 90% من إجمالي 250 مليون هكتار حول العالم، وهي مناطق شاسعة جدا.” ويخص هذا على وجه الحصر عمليات قطع الأشجار القانونية وبالخصوص في مناطق الأمازون في أمريكا الجنوبية و في الكونغو وماليزيا و اندونيسيا. لكن المنظمات البيئية مثل السلام الأخضر و أصدقاء الأرض يعارضون ذلك و يقولون بأنه يجب إعطاء الأولوية لحماية الغابات بسبب العدد الهائل من عمليات القطع غير الشرعية للأشجار التي تحدث في مناطق من عدة من العالم.
التخطيط الدقيق
إن التقليل من نسبة انبعاث غاز ثاني أكسيد الكربون في الهواء يعني انتعاش الغطاء النباتي بسرعة، إضافة إلى أنّ هذه الطريقة تكلف وقوداً ومواد أقل، كما أنها توفر لنا إنتاج المزيد من الأخشاب. والكثير من الأشجار المنتجة للخشب قد تضيع إذا ثبت في وقت لاحق أنه من المستحيل العثور على المكان الذي قطعت منه الشجرة، و لهذا فإنه من المجدي أن يولي المرء العناية و الاهتمام أثناء قطع الأشجار. غير أن هذا النوع من إدارة الموارد الغابية يتطلب الكثير من التخطيط و الإعداد الدقيق كما يوضحه بيتر زايدما:
“عليك بالتخطيط للعمل وهذا يعني خطوتين رئيسيتين، قبل أن تتوجه إلى الغابة ومعك المنشار الكهربائي فأنت في مرحلة التخطيط أي اختيار المكان المناسب لبدء العمل حيث تكون الأشجار المراد قطعها قريبة، بعدها عليك برسم خارطة للمكان تمكنك فيما بعد من معرفة الطرق والمسارات الصحيحة لإخراج تلك الأشجار المقطوعة من الغابة باستعمال الشاحنات الكبيرة التي تحتاج إليها.”
بالإمكان أيضا استعمال نفس الخارطة في رسم مواقع الأشجار الصغيرة التي ستكون جاهزة للقطع بعد 20 إلى 30 سنة، وبعدها يمكن أن نحدد الاتجاه الذي نريد للشجرة أن نقطعها ونسقطها فيه من أجل حماية “أشجار المستقبل”.
في الممارسة العملية
في الميدان نفسه، تتطلب هذه المقاربة تدريبا معينا. يحتاج العاملون المسئولون عن قطع الأشجار إلى القدرة على رسم و قراءة الخرائط. وغالبا ما يكون من الصعب تقدير حجم و طبيعة التحضيرات الضرورية لهذا العمل، فعلى سبيل المثال هنالك حاجة إلى قطع أشجار العنب التي تنمو إلى أعلى ثم ترتبط بين شجرة وأخرى بأغصانها، وهذا يعني أن الحاجة إلى قطع شجرة واحدة قد يؤدي بطريق الخطأ إلى قطع أخرى أيضا أو ترك فجوات في أعلى الشجرة.
وإجمالا فإن هذه الطريقة الأكثر حذرا في قطع الأشجار يمكنها أن تساعد في تخفيض نسبة انبعاث ثاني أكسيد الكربون بمقدار 500 ميغا طن في السنة الواحدة.