إن هذه المنظومة في واقعها تشوبها الكثير من السلبيات المتراكمة و الوضعيات غير القانونية و التي طال بها الزمن حتى أصبحت أمرا مسلما به لا يمكن السعي إلى تغييره و حتى مناقشته أو الخوض فيه، و إن كان أي برنامج للتغيير و الّإصلاح يجب أن تكون أولى ركائزه هي الاستثمار في العنصر البشري و من خلال هذا العنصر يمكن تنفيذ مختلف البرامج و الآليات و تجسيد مجموعة من السلوكات التي تدفع تسيير مؤسسات القطاع إلى الرشاد و الشفافية و نوعية الخدمة الجيدة.
• و أريد أن أذكر بعض هذه السلبيات و الممارسات في هذا المقام حتى تتضح الصورة.
أولا: التأطير النوعي لمراكز المسؤولية في مختلف المستويات: ففي حين تبعد الكوادر و الطاقات الجامعية من قبل بعض المسؤولين و تسند المسؤوليات إلى عمال مهنيين و متعاقدين ، بحجة نقص الخبرة و التجربة ، فمتى يكتسب هؤلاء الإطارات التجربة و الخبرة إن لم يمكنوا من التسيير ناهيك عن غياب اية حماية للمسيرين النزهاء المجتهدين ، فتجد هم معزولون و مقصيون و يشار إليهم بالأصابع ،متهمون بعرقلة سير العمل و خلق الفوضى و الدفع إلى عدم الإستقرار و التواطئ مع أطراف خارجية للمس بإستقرار القطاع و التدخل الأجنبي فيه ؟وحتى التهديد غير المباشر لهؤلاء بفقدان بعض الحقوق التي استفادوا منها كإمتيازات عند الغير كالمناصب النوعية ، و ما إلى ذلك من حقوق.
وفي هذا المقام أقترح على المديرية العامة للديوان أن تصدر تعليمات مكتوبة و فورية و صارمةعلى أن يبعد كل العمال المهنيين و المتعاقدين من مراكز المسؤولية (كرؤساء مصالح و رؤساء فروع و تسند كذلك مسؤوليات التسيير في بعض المواقع كأمناء المخازن لأشخاص لهم من المستوى العلمي المقبول و النزاهة و الأمانة ما يحفظ حقوق الطلبة و العمال)
ثانيا: المنظومة القانونية و النصوص القانونية التي يخضع لها مستخدمي قطاع الخدمات:
كما يعلم الجميع أن هذا القطاع يخضع لنصوص القانون 03_06 الخاص بالوظيفة العمومية ناهيك إلى قوانين أساسية و خاصة أهمها 08_04 الخاص بالأسلاك المشتركة، و النص القانوني 07_308 الخاص بالعمال المتعاقدين، إضافة إلى قوانين خاصة لبعض الأسلاك كممارسي الصحة العمومية و موظفي السكن و العمران ..إلغ.
إن الملاحــظ أن تنفيذ هذه النصوص على هذه الفئات و الأسلاك غالبا ما يتم بطريقة غير صحيحة و غير دقيقة و إن لم نقل أن النصوص القانونية لا تطبق تماما إلا في الجوانب المرتبطة بالمسارات المهنية للموظفين نظرا لخضوع عمل الإدارة إلى المراقبة البعدية من قبل مصالح الوظيف العمومي و الرقابة المالية، أما فيما يخص تنظيم الحياة العملية فعادة ما يضرب القانون عرض الحائط ، و في أغلب الأحيان على جهل بالقانون من قبل أغلب المسؤولين.
ثالثا: مشاريع مخططات الموارد البشرية و التكوين و تحسين المستوى: لقد تنبه المشرع في السنوات الأخيرة إلى الثغرات الكبيرة و الكثيرة التي كانت تشوب القوانين المنظمة لإعداد مشاريع القوانين المنظمة لإجراءات التوظيف و تسيير منظومة الموارد البشرية، و المصادقة عليها وتنفيذها ، و لكن لا تزال هناك عدة سلبيات تؤثر على نوعية التوظيف و على شفافيتها ، و كذا القصور الكبير المسجل في جانب التكوين و تحسين المستوى و تنفيذ التربصات المكملة للتوظيف، وهنا من الضروري الإشارة إلى إبتعاد الوصاية على هذا الجانب من خلال غياب متابعة حقيقية لبرامج التكوين و تحسين المستوى التي تنفذ على مستوى مؤسسات القطـــاع( و هذا في حالة تنفيذها)، حيث نجد أن أغلب المؤسسات المشرفة على التكوين ينقصها جانب التخصص و تنقصها الكوادر الضرورية لضمان تكوين نوعي للموظفين و المستخدمينّ، كما أن عادة ما يعتمد التكوين أو التربص على الجانب النظري دون التطبيقي، كما أن سياسة الدوين لم تعد تعتمد نظام التربصات الميدانية التي يستفيد منها المستخدمين و المسيرين لرفع مستواهم و نوعية خدماتهم.