سبق لي الإطلاع على هذه المساهمة منذ وقت طويل و لم أشأ التدخل لسببين :
- أن المسألة بالشكل الذي تم طرحه لا يمكن أن تناقش إلا من زاوية ذاتية تتأثر بالموقع الذي يحتله الناظر إلى المسألة و بمركزه في التنظيم الإداري و طبيعة علاقته بمسؤولي الوحدات التنظيمية التي يخضه لها تنظيميا.
- أن قانون الصفقات قد منح مسؤول المصلحة المتعاقدة كامل السلطة في إختيار من يمثله في لجنة الصفقات، مما يجعل الموضوع في دائرة السلطة التقديرية التي يصعب الحكم عليها حكما عاما يفتقر إلى المعطيات و المعلومات الدقيقة.
لذلك فالتعقيب على هذا الموضوع يقودنا إلى التأكيد على بعض المسلمات أساسا :
* أن الأمين العام للإدارة البلدية يمثل مسؤول إحدى هيئات البلدية الثلاث، أي الإدارة البلدية، و يصفته هذه فهو معني بكل تفاصيل العملية الإدارية سواء في شقها الإداري الصرف أو التقني أو المالي أو غيرها، و عند الحديث عن الجانب التقني فيجب تعريف المقصود به قبل كل شيء، لأن ليس كل ما نعتبره تقنيا هو بالضرورة تخصصا يصعب على غير التقنيين إستيعابه في عموميته.
و حتى حين يكون المسؤول الإداري غير قادر على إستيعاب مسألة تقنية معينة فلا يعني ذلك أنه غير مسؤل عن القرار المتخذ بشأنها، و هنا يأتي دور باقي إطارات البلدية و موظفيها المتخصصين في المجال ليشكلوا عوامل مساعدة على إتخاذ القرار.
إن تمثيل المصلحة المتعاقدة في لجنة الصفقات ليس عملا تقنيا بحتا ... لأن دراسة الملفات المعروضة على اللجنة تشمل جوانب إدارية و مالية و قانونية و تقنية، فإذا كان الأمين العام بإعتباره إداريا يجهل بعض التفاصيل التقنية، فهل يمكننا أن نقول بأن المهندس قادر على الإلمام بالجوانب المالية و الإدارية و التقنية ؟
إذن علينا الخروج من هذا النمط من التحليل ... فإذا تم تعيين المهندس ممثلا للمصلحة المتعاقدة كان على الأمين العام أن يساعده في الأمور التي تتجاوزه .. و العكس صحيح، فحين يتم تعيين الأمين العام ممثلا للمصلحة المتعاقدة يصير واجبا على المهندس مساعدته فيما يتجاوزه .... و على الجميع أن يتصرف بروح الفريق.
و مع ذلك لا بد لي من التعليق على أمر أراه في غاية الأهمية ... من الخطأ بل من الخطيئة أن يتم تعيين الأمين العام أو المهندس أعضاء في لجنة فتح الأظرفة ... فالمصلحة المتعاقدة تحتاج الكفاءات في لجنة التقييم و ليس في لجنة الفتح التي لا تتطلب مهامها كفاءة متميزة .. فهي مهام يمكن ضمانها من طرف مستخدمي فئة التحكم و التنفيذ ... أما المهندس فسيكون أنفع في لجنة التقييم لأنه الأقدر على تحليل العروض و تقييمها ...
اما لجنة الصفقات فيكفي الإطلاع جيدا على صلاحياتها لتحديد مستوى الكفاءة الواجب توفره في من يمثل المصلحة المتعاقدة لينتهي الجدل بشأن هذا الموضوع.
و بالتالي علينا أن لا نحتكم في تحليل الموضوع إلى مسألة التخصص و الرتبة و المنصب ... و أن نحصر النقاش في نقطة واحدة هي الكفاءة ... قد نجد في بعض الإدارات أن التقني أفضل من المهندس و أن رئيس المصلحة أفضل من المدير بل وقد يكون الموظف البسيط أنفع في ملف ما من الأمين العام نفسه ... و هذا هو ما يبرر خضوع المسألة للسلطة التقديرية لمسؤول المصلحة المتعاقدة.