ربما أخي أبو جليل يكون من الأنسب إستقباله بطريقتين .. الأولى وفق ما تقتضيه الأعراف الديلوماسية لأنه يمثل دولة شئنا أم أبينا .. أما الطريقة الأخرى و هي الطريقة الشعبية فماذا لو وقف الناس على طريق مطار هواري بومدين و مقابل إقامة الرئيس الفرنسي حاملين فقط صور التفجيرات النووية في رقان و صور المجازر المرتكبة في حق الجزائريين دون أي مظهر آخر أو لافتة أخرى أو صراخ من هنا و هناك...
و لكن نعود دوما إلى مشكلة " النخب " التي يقع عليها قيادة الحركة الشعبية و تشكيل الوعي الجماهيري .. و هذه النخب سواء نطقت بالعربية أو بالفرنسية أو بالأمازيغية أو بالأنجليزية أو بلغة الإشارة فهي تبقى قطيعا كغيرها من القطعان .. لا لون لها و لا رائحة ... بل لها لون تنفر منه العين و رائحة تصيب من يشمها بالغثيان.
النخب الحقيقية مهمشة محاصرة .. لا تجدها في صحفنا و لا في إذاعاتنا و لا في تلفزتنا و لا في مسارحنا و لا في دور الثقافة و لا في غيرها من المؤسسات التي تتيح الوصول إلى الجماهير و الإنتشار على مساحة الوطن.
أحزابنا آخر من يهتم بمستقبل الجزائر فكيف بماضيها .. أحزابنا كل أحزابنا مجرد " جمعيات خيرية " لا تقدم خدماتها لغير منتسبيها و لا تقترح خدماتها عليهم إلا بمناسبة الإستشارات الإنتخابية ... نواب الشعب و الأمة غرقى في ما لا يفقهون .. تائهون في تحصيل أكبر عدد من المصالح قبل أن تنقضي فترة نيابتهم ... أساتذة جامعاتنا مشغولون بنسخ المحاضرات التي ألقيت سنة 1800 قبل الميلاد لتوزيعها على الطلبة ... فنانونا ما زالوا يقتسبون كلمات أغانيهم من أكثر الأسواق الشعبية حقارة و وضاعة ... رجال الدين عندنا لم يتفقوا بعد حول نواقض الوضوء ... و ساستنا لم يجدوا ما يسوسون .. وزراؤنا ينتظرون التعليمات و ولاتنا بنتظرون التعليمات و إطاراتنا ينتظرون التعليمات و عمالنا ينتظرون التعليمات و نحن لا نعرف مصدر التعليمات و لا ما هي التعليمات ... سياستنا الداخلية تعاني غموضا في الثوابت و سياستنا الخارجية مبنية على غموض الثوابت .... القانون في بلادنا لم يعد عاما و مجردا ... يمكنك التظاهر في عنابة أو تندوف أو لعزازقة أو ولاد عبّاس أو ليشانه او كرزاز أو الخبوزية او بولحاف الدير أو بنورة أو غيرها من مناطق الوطن بإستثناء العاصمة ممنوع فيها حتى مجرد مسيرة رمزية لمساندة غزة ..... فكيف بمسيرة تقول لفرنسا أن تاريخك أسود مسيء للذاكرة البشرية.....
نحن أخي أبو جليل في حاجة إلى ثورة على " النخب " و على المعارضة قبل أن يفكر أحد منا بالحديث عن السلطة.
لأنه، حين نسحب البساط تحت هذه النخب المرتزقة و الأحزاب المتاجرة بهموم الأمة ستجد السلطة في مواجهنها واقعا إجتماعيا جديدا لا أشك و لا حتي مجرد شك في أنها - أي السلطة - ستأخذه بعين الإعتبار و ستجد نفسها مضطرة لتغيير أساليبها و سياساتها و أولوياتها ......