يا أخي المحترم ... أنا لا أصعب شيئا و لا أسهل شيئا ... لأنني لا أستطيع ذلك و إن أردت .... كل ما أرمي إليه في هذا المنتدى هو الإستفاضة في النقاش عسى أن نتعاون جميعا على الوصول إلى أحسن فهم لقانون الصفقات ... و لقد حاولت أن أثير نقاطا غاية في الأهمية تساعدني شخصيا و أزعم أنها قد تساعد الآخرين على تعميق الفعم ... لأنني أرى في المنتدى فضاء للنقاش و ليس مجرد أجوبة بنعم أو لا ...
ربما أكون مخطئا ... و لكن أطمع في أن تشفع لي براءة قصدي ... فالقانون لا يعرف كلاما مثل نسهل و نصعب ... بل يتطلب فهما صحيحا و ذلك ما نسعى إليه في هذا المنتدى ... و انا لم أدع يوما أنني مرجع ... أنا مجرد موظف يناقش مسألة معينة ... فإذا لم أقتنع بأمر يكون من حقي على زملائي أن يقنعوني و أن يصححوا لي أخطائي ... فليس معنى ان أكون مشرفا أو من فريق الإدارة أنني املك كل الحقيقة ... فأنا في نهاية المطاف رجل يقرأ و يحلل و قد يكون على خطأ و قد يكون على صواب ... فلماذا ترى أنني أصعب ... أنا أحاول أن أفهم ليس إلا ... و آرائي التي أبديها لن تجدها على مكتبك في شكل مراسلة رسمية ... و لكنها قد تضيء لك جوانب أخرى من المسألة موضوع النقاش...
أخي الكريم .. أنا أقرأ جيدا نص المادة 06 التي تجعل حالات عدم الجدوى هي نفسها الحالات المذكورة في المادة 44 ... ( عدم تلقي أي عرض أو تلقي عرض وحيد ... تأهيل عرض واحد تقنيا أو عدم تأهيل أي عرض ) و لكن يبقى السؤال مطروحا في صلب المادة 06 ... و المتعلق بشرط إستشارة 03 متعهدين .. و بالضبط كلمة متعهد ... فالمتعامل لا يكون متعهدا إلا إذا تقدم بتعهد ... ألا تثير المسألة بعض الريبة في نفوسكم فتدفع بنا إلى الحيطة و عدم أخذ الأمر على أنه أمر مسلم به ... ألسنا في حاجة إلى وضح أكثر في النصوص ... أنا لا أناقش ما تعلق بالصفقات فأمرها أكثر وضوحا .. و لكنني اناقش المادة 06 التي جاءت لتخفف الإجراءات و لكنها لم تكن بالوضوح اللازم ...فيمكن لأي جهة رقابية أن تبدي تحفظا مستندة فقط على كلمة " متعهد " ...
لذاك أرجو أن يفهم الزملاء قصدي ... و إن كان فيه بعض التشدد ... و أن يجيبوني حول الأسباب الحقيقية التي تجعل مثل هذه الإستشارات غير مجدية ... هل فعلا لا يريد المتعاملون المشاركة فيها ... أم أننا نختار أسوأ الطرق لتنظيمها ... يا جماعة المسألة أعمق مما يبدو ... فكل شيء مترابط و لا يمكننا مناقشة هذا العنصر بمعزل عن غيره من العناصر ... هناك من المصالح المتعاقدة من يرسل دعوات لثلاث متعاملين فقط ... رغم أن القانون ينص على هذا العدد كحد أدنى فقط .. و لكننا لا نزيد عنه رقما واحدا .. و في أحيان كثيرة يكون إختيارنا لهؤلاء الثلاث موجها بحيث نكد نعرف أن واحدا منهم على الأقل لن يستجيب للدعوة ... و أحيانا أخرى نجلس في مكاتبنا و نرسل الإعلان للتعليق في كل مكان و لا نبذل جهدا لإستجلاب أكبر عدد ممكن من العروض ... ثم نقول أن الإستشارة غير مجدية طبقا للحالات الواردة في المادة 44 ... بالنسبة للصفقات الأمر محسوم و لا تتحمل المصلحة المتعاقدة أي مسؤولية فيما يخص نتائج المناقصة لأنها كانت محل إعلان صحفي وطني أو محلي أو جهوي ... فذلك يحقق المراد و المقصود و لا شبهة قيه ... و لكن المادة 06 لا تحدد لنا شكلية معينة في الإستشارة مما يقحم مسؤوليتنا الشخصية كآمرين بالصرف و يجعلنا مطالبين بإثبات إحترامنا لمباديء قانون الصفقات الثلاث ... و حيث أن المادة 06 تسمح لي بإختيار المتعاملين الذين سأستشيرهم فكيف لا يستجيب لدعوتي المتعامل الذي وقع عليه إختياري ... ألا يعني ذلك أن إختياري كان إعتباطيا غير مدروس ... ألا يفتح ذلك الباب أمام كل رقابة لتطعن في طريقة تسييري للطلب العمومي ...
أعتقد أن خلافي مع الزملاء لا يتعلق بحالات عدم الجدوى ... بل بخصوصية الإستشارة نفسها .. و قد كنت أحاول الدفع إلى عدم التركيز كثيرا على المادة 44 قبل أن نفرغ من فهم كل مقتضيات المادة 06 ... و حين نطبق هذه الأخيرة تطبيقا سليما يستلهم روح قانون الصفقات يمكننا حينئذ في كلميتين إثنتين أن نتفق حول المادة 44 بمجرد قراءتها قراءة واحدة لأنها أكثر وضوحا من الشمس ... و لا اعتقد أن الزملاء يشكون في إطلاعي على المادة 44 و إستيعابي لها إستيعابا كافيا ... و لكنني انتظر من زملائي ان يستوعبوا ما أثيره بخصوص المادة 06 ... نستطيع هنا أن نقول أن المصلحة المتعاقدة قد طبقت القانون بمجرد أن تثبت إستشارتها لثلاث متعاملين ... هذا صحيح ... و لكن لماذا لا نثبت إستشارتنا لأكثر من 03 متعاملين .. و كيف تفسر المصلحة المتعاقدة أن من قامت بإستشارتهم لم يشاركوا ... ألا يعتبر ذلك سوء إختيار من طرفها ... ثم إنني شخصيا لا أتصور أن هناك إستشارة لا تلقى إقبالا من طرف المتعاملين إلا إذا كانت طريقة تنظيمنا لها قاصرة أو فيها كثير من التحايل الذي لا يخفى على أحد منا ....
نحن لا نحتاج إلى تبرير عدم جدوى المناقصة ... و لكننا نواجه أسئلة كثيرة بخصوص الإسشتارة بمفهوم المادة 06 ... فكلما تساهل القانون في موضع ما كلما تشدد في الرقابة عليه .. فليحذر الزملاء لأن المنطق الذي نتناقش به هنا لا يكون بإمكاننا إستعماله عندما تدق ساعة الحساب ... و مسألة التقرير التقديمي تنفع عند الإلتزام بالنفقة و لكنها لا تنفع عند الرقابة البعدية التي يتجاوز فيها الأمر المسائل الإجرائية إلى المضمون العميق .... و بالتالي قبل أن أحكم على الجدوى و عدم الجدوى أعتقد أن علي أولا أن أجري تقييما لطريقة تنظيم الإستشارة.
اما إذا كنا نريد أن نسير ملفاتنا فقط لا غير ... فحالات الجدوى و عدم الجدوى واضحة.
نحن الآن في فضاء إفتراضي و الحمد لله ... و لكن تصور انك تواجه هيئة رقابة أو قاضي تحقيق ... ستجد أن هناك قاض يقرأ قراءتك و قاض آخر يقرأ قراءتي ... قبل أيام فقط قال أحد زملائنا أنه في ورطة مع العدالة لأنه كاتب لجنة فتح أظرفة لأن اللجنة ليس لها رئيس ... تصور ... هل هذا سبب كاف للتحقيق مع كاتب اللجنة ... و لكن هل يستطيع مخلوق على وجه الأرض أن يقول للقاضي أنه مخطيء ... التشدد في قراءة قانون الصفقات قد يحميك من مطبات كثيرة أنت في غنى عنها ... و إذا كان الدولة كلها ستتوقف بسبب تشددي في تطبيق القانون فلتتوقف أو لتغير قوانينها و توضحها بشكل أفضل ... أما حيث يكون هناك لبس فسأختار أكثر القراءات تشددا ... و إذا أدى ذلك إلى تعطل الدولة فأنا مستعد لتسليم مفاتيح إدارتي للوالي و الذهاب إلى بيتي خير من أن تتم إدانتي بإبرام صفقات مخالفة للتشريع لأنها تهمة مطاطة يمكن أن نحاكم جميعا بسببها و أن ندان...
و رغم ذلك كله فأنا أعرض قراءتي و لا أملك سلطة على احد في المنتدى ... فمن أراد أن يعتبر الإستشارة مجدية بعرضين فقط فليفعل ... و من كانت له وجهة نظر اخرى فليفعل ... فالمنتدى ليس هيئة رقابة و لس مصلحة تابعة لوزارة المالية حتى تعطي آراء ملزمة ... و لكن علينا جميعا أن نفكر مليا في النقاط التي يثرها محاورنا .. فلربما كان على حق و كنا مخطئين في الفهم ... و هذه تحديدا هي الفائدة من نقاشاتنا هذه ... لا أنكر أنني كثيرا جدا ما أخطأ ... و لكن أنتظر من محاوري أن يسأل نفسه : ماذا لو كان الحق معي ؟
إنطلاقا من هذا السؤال ... و بعد أن نطفأ حواسيبنا و نعود إلى الواقع ... سنبحث و نراسل الجهات المعنية و نسأل أهل الذكر ... و لكن هل كنا سنفعل ذلك لو لم نتابع نثل هذه النقاشات...
إذن يا أخي الكريم ... لا تنظر إلى كلامي يمثل هذه السلبية ... ففي كلامي على الأقل نقطة واحدة جديرة بالإهتمام و المتابعة ... و أعتذر عن الإطالة ... غير أن الموضوع يستحق أكثر من هذا ... لأن المادة 06 هذه هي ما سوف يقود كثيرا من المسيرين إلى قاعات المحكام و إلى السجون لا قدر لها ... لأن أغلبنا ينظر إليها كباب من أبواب الفرج بينما هي أكبر مصيبة أبتلينا بها في عملية التسيير... و اخشى غن ساهمت بالتحليل السطحي أن أكون سببا في مغالطة زملائي و طمأنتهم حيث لا يجب ...