تحياتي أخي " بوعريس " ...
أنت تقول أنك رجل ميدان ... و الواقع أن ذلك تحديدا ما يحتاجه الإنسان يتمكن من تسيير الطلب العمومي ككل ... فالممارسة اليومية وحدها التي تجعلنا في كل مرة نواجه مشكلة ما نتعلم الكثير في إطار معالجتها و البحث عن حلول لها ... فقد يتخصص الواحد منا في المجال و ينال درجة الدكتوراه و يعجز عن حل مشكلة إجرائية بسيطة تواجهه في المجال العملي.
و مع ذلك فالنظرية و التطبيق يتكاملان و يعطي الواحد للآخر في جميع العلوم و المجالات.
غير أنني أتساءل عن نقاط الخلاف بين رأيك و بين رأيي ... صراحة لا أجد خلافا ...
لكنني أود التأكيد على أمر مهم ... صحيح أن قيمة العملية في سؤال الأخت يقدر بـ 100.000.00 دج ... أي أنه لا يتطلب أصلا تنظيم إستشارة بمفهوم المادة 06 إذا كان يمثل القيمة السنوية للحاجيات ... غير أن المصلحة المتعاقدة قد إختارت تنظيم إستشارة ... و متى إختارت المصلحة المتعاقدة السير في طريقة إبرام معينة فهي تبقى ملزمة بتطبيق جميع إجراءاتها حرفيا ... و بناء عليه، فالإستشارة هنا لا تكون مجدية إلا إذا تلقت المصلحة المتعاقدة 03 عروض .... أقل من ذلك يجعل الإستشارة غير مجدية ... لأنه لا يحقق شروط الإستشارة بمفهوم المادة 06 التي تقضي بوجوب إستشارة 03 متعهدين.
و بالتالي لا بد من إعلان عدم الجدوى ثم يأتي الحديث بعدها عن المادة 44 التي تنص على إمكانية الإستمرار في تقييم العرض الوحيد.
و بصرف النظر عن مسألة الإشهار في الإستشارة بمفهوم المادة 06 .. حيث أن الإشهار هنا غير مطلوب سواء كان عن طريق النشر أو التعليق بمختلف المقرات المستقبلة للجمهور .. فالقانون لا يحدد طريقة معينة يجب إتباعها ... و على المصلحة المتعاقدة أن تختار الطريقة الأنسب لها و التي تراعي مباديء قانون الصفقات الثلاث الأساسية لا غير ... و طريقة الدعوة إليها لا تجعلها محدودة و لا مفتوحة و لا وطنية و لا محلية ... هي إستشارة و فقط ... الشيء الوحيد الذي يجعلها مفتوحة أو محدودة هو الشروطالمؤهلة المطلوبة للمشاركة فيها ... و هذا خطأ يقع فيه كثيرون ... لأن طريقة الإعلان عن المنافسة لا يؤثر في تصنيفها على انها محدودة أو مفتوحة ... فالإستشارة تكون مفتوحة غذا كان يسمح لكل المتعاملين المشاركة فيها .. و تكون محدودة إذا كان لا يسمح بالمشاركة فيها إلا لمن تتوفر فيه شروط تأهيل تحددها المصلحة المتعاقدة مسبقا حتى و إن تم افعلان عنها في الصحف الوطنية و في النشرة الرسمية لصفقات المتعامل العمومي .
اما بخصوص تمديد أجل تحضير العروض ... فالجميع متفق على وجوب حصول ذلك خلال الأجل الأصلي ... أما إذا إنتهى هذا الأجل فلا بد من أن تجتمع لجنة فتح الأظرفة لفتح الأظرفة أو لتقرير عدم الجدوى.
نعود الآن للحديث عن تمديد الأجل في اليوم الأخير ... من الناحية الظاهرية المسألة قانونية لا غبار عليها ... غير أننا مطالبون بتطبيق أحكام المادة 50 الفقرة الثانية على وجه الخصوص التي تجبر المصلحة المتعاقدة بإعلام المترشحين بكل الوسائل .. و المترشحون هنا هم بالأساس كل متعهد قام بسحب دفتر الشروط ... و متى تم إخبارهم فالمعنيون لن يقوموا بإيداع عروضهم و لن يحضروا في ساعة الفتح و سيستغلون الفرصة لأخذ وقت أكبر في تحضير عروضهم.... و بالتالي يجب أن يتم تمديد الآجال في وقت مناسب لتبليغ المعنيين و تحقيق الهدف من هذا التبليغ ... فلا يعقل أن نعلن عن التمديد قبل نصف ساعة من نهاية الأجل ثم نقول أننا طبقنا القانون طالما أن التمديد قد وقع في اليوم الأخير ... صحيح أننا طبقنا حرفية القانون و لكننا لم نحقق مقاصد القانون .. و الحكم على سلامة الإجراءات يتم بوضعها في ميزان مقاصد القانون و ليس في ميزان حرفيته.
إلى هنا نحن متفقان ... و لكن لنعد إلى سؤال الأخت .. لأن جميع المداخلات قد جاءت للرد على عناصر السؤال تحديدا ... و لا يجب أن تتحول عند التعقيب على الردود إلى نقاش عام لا يراعي عناصر السؤال ... فالأخت تقول أن لجنة الفتح هي الجهة التي قررت تمديد الآجال ... هذا اولا ليس من صلاحياتها و ثانيا المسألة هنا ليست مرتبطة " باليوم الأخير " بل بإنقضاء أجل تحضير العروض أصلا.
إذن لا أرى شخصيا أين تختلف الآراء بيننا إختلافا جوهريا...