لقد جاءت، في جوانب مهمة، جملة من التعديلات لقانون الصفقات الجديد، لتحد من بعض الفوضى ، التي كانت قائمة خصوصا في جانب معايير اختيار المتعاملين . الى ان بلغ الامر احيانا، في بعض دفاتر شروطنا، وكأننا نحاول اعادة منح الاعتماد او تصنيف وتأهيل المتعاملين من جديد. في الأوقات الذي كان من الأحرى بنا، بعد التأكد من قدرة المترشحين على انجاز المشروع، ان ننظر فقط في مدى استعداد وجاهزية هؤلاء المتعاملين تقنيا ، وسائليا وماليا لتنفيذ أشغال الصفقات تماشيا مع مداها و مع درجة ارتباطاتهم التعاقدية الاخرى ومخططات اعباءهم الجارية ،
لقد كنا ، من جهة نشترط ميادين التأهيل و قد نشترط ايضا درجات التصنيف، ثم نأتي في المقابل في معايير التقييم و الاختيار لنضع تنقيطا لميدان التأهيل نفسه و لدرجات التأهيل، وأحيانا للوثائق الجبائية والشبه الجبائية ، او لبطاقات تأمين العتاد ، او لصحيفة السوابق العدلية ، او للحصائل المالية او لرقم الاعمال او لوثيقة السجل التجاري ......؟ الخ.!!!!..من دون ان نبالي او نتساءل لماذا كل هذا........!!!؟؟؟.؟
------------------------------كمثال-
كأن نشترط في دفتر الشروط ، ميدان الاشغال العمومية او الري ، ثم نشترط الدرجة الرابعة فما فوق :
ثم نأتي و نضع تنقيطا لذلك :
1/ التأهيل : ينقط على 3 نقاط : كما يلي :
- في الري : يأخذ نقطتين 2
- في الاشغال العمومية : يأخذ 3 نقاط
2/درجة التصنيف : تنقط على ( 4) اربع نقاط كما يلي:
- في الدرجة 4 : يأخذ نقطتين (2)
- في الدرجة 5 : يأخذ ثلاث نقاط (3)
- في الدرجة 6 فاكثر : يأخذ اربع نقاط (4)
-------------------------
مثل هذه الطريقة في اتخاذ المعايير و في التنقيط أصبحت من مساوئ سلوكات الماضي في ظل قانون الصفقات الجديد.
لماذا ؟
لانه، حسب المادة 54 و 56 من قانون الصفقات الجديد، و في الوقت الذي حددنا فيه مجال ودرجة التأهيل وبعد الاستعلام اثناء تقييم المترشحين التي ابتداء من توفرها لدى المتعهدين المرشحين يصبحون جميعهم سواسية وبدون تمييز مؤهلين للمشاركة في المنافسة . ويفترض ان استيفاءهم التأهيل والدرجة المحددتين تجعلهم كلهم مرشحين قادرين على تنفيذ الصفقة .
---------- كيف؟ --------------
نص المادة 54:
- قبل التقييم التقني نتأكد من قدرات المرشحين .
- تقييم الترشيحات يستند الى معايير غير تمييزية.
نص المادة 78 :
- معايير اختيار المتعامل المتعاقد تكون غير تمييزية Non discriminatoires
---------------------------------------
بما ان حيازة واكتساب تأهيل ودرجة تصنيف معينين ، يخضعان الى معايير محددة تنظيميا و يشترط من طالب التأهيل والتصنيف ان يمتلك و ان يحوز على أدنى القدرات المطلوبة.
فانه لا يصح لنا بعد اشتراط حيازة المترشح للتعهد، على الحد الأدنى للتأهيل و التصنيف المطلوب ، ان نأتي بعد ذلك عبر معايير التقييم التقني والاختيار و ننقط وثيقة الاعتماد او التأهيل او ننقط الحصائل المالية و رقم الاعمال،
وهنا يكون مثل هذا السلوك تمييزا ايضا ومخالفا لنص المادة 54 و المادة 78 التي زيادة على ذلك ، ترفض ان تكون قدرات المؤسسة او او قدرات المناولة موضوع معيار اختيار.
لكن في مقابل ذلك يمكن ان تنقط، فقط الوسائل البشرية او المادية المطلوب ان تكون موضوعة تحث تصرف المشروع و ذلك بما يتماشى و طبيعة الصفقة. ( ان لم تكن أصلا مسخرة ًوموضوعة تحث تصرف مشروع او مشاريع اخرى جارية ؟ مما يستوجب علينا التأكد من ذلك قبل التقييم التقني )
-----------------------------------
كما اننا لا ينبغي ان نشترط امتلاك الوسائل المادية اللازمة في تنفيذ الصفقة الا عندما يتطلب موضوعها وطبيعتها ذلك ( الفقرة الاخيرة .المادة 57) .
كيف ؟:
اذا كان مثلا، موضوع الصفقة بناء عمارات مما يتطلب تواجد وتنصيب رافعات ثابثة خلال طول مدة الإنجاز، فهذه الوسيلة او الوسائل الحساسة الضرورية ، يمكن ان يشترط امتلاكها.
كذلك اذا كان مثلا موضوع الصفقة انجاز تعبيد طريق بخرسانة اسفلتية : هنا موضوع وطبيعة الصفقة في مجمله هو تشكيل ووضع الخرسانة الأسفلتية حيث التشكيل وكذا الوضع يخضعان كليهما لمعايير تقنية جد حساسة ومن تم يمكن بل ينبغي اشتراط امتلاك محطة الخلط على حدود مسافة نقل معقولة ( حتى لا تبرد اثناء النقل) كما يمكن ان يشترط امتلاك معدات الوضع كآلة تفريش الخرسانة الأسفلتية ومعدات الرص.
اما الوسائل الاخرى مثل شاحنات النقل، عتاد نزع الطبقة القديمة ، تسوية الأرضية قبل الوضع
فلا حرج ان تكون عن طريق الكراء او المناولة.
--------------------------الخ....----
اذاً ، اذا كنا لا ننقط درجة التأهيل كي لا نميز بين المرشحين
لا ننقط قدرات المؤسسات،
لا نشترط امتلاك الوسائل المادية الا تلك التي يتطلب موضوع وطبيعة الصفقة ذلك !
فماذا إذن يتبقى لنا ليكون ضمن معايير الاختيار و التقييم التقني ؟
---------------
فلنلقي نظرت على محتوى المطة 6 من المادة 71
التي تبيح استكمال كل وثائق العروض التقنية باستثناء :
المدونة التقنية ( le mémoire technique )
او الوثائق التي يحررها و يصدرها المتعهد المرتبطة أساسا بعملية التقييم .
اي كما جاءت بالفرنسية
Documents émanant du soumissionnaire qui servent à l'évaluation des offres
قد يرى البعض بانه ربما ، هناك نوع من الإبهام في كيفية بداية الخوض في هذا الجانب ، في اطار التنظيم الجديد.
لكن لو استلهمنا تدريجيا من تسلسل النصوص
التطبيقية الجديدة ، موازنة بما تشمله المادة 72.
----------------------------------
ربّما، سوف لن نثعب كثيرا ، فلنحاول فقط، مجرد المحاولة و بالتدريج، كما حدث في 2002 ، بعد صدور قانون الصفقات 02/250 ، باعادة بناء الأسس الصحيحة التي يجب ان ترسى عليها دفاتر شروطنا في ظل هذه التعديلات الجوهرية ، مع التوجيه الواعي و السليم لمعايير الاختيار ، ابتداء من تقييم الترشيحات ، التقييم التقني و المالي لغرض انتقاء العرض الاحسن من حيث المزايا الاقتصادية . من دون ان نتساهل في اجازة بعض ما لا يجب إجازته او نتنصل و نغفل بعض ما لا يجب إغفاله.
---------------------------------
صحيح ان دفاتر الشروط ليس كما يعتبرها بعضنا ، اعادة تصفيف وترتيب لمراجع و لتواريخ قوانين ومراسيم لنصوص تطبيقية، إدارية فقط ،
بل هي ابعد من ذلك و بكثير ، حسب مفهوم المادة 26 من قانون الصفقات الجديد ، التي توجب ان تكتمل صيغة دفاتر الشروط بوجود الأجزاء الثلاثة الضرورية لنجاعة الطلب العمومي.
الشروط الكاملة وهي :
1- الشروط التي تبرم وفقها الصفقات :
- جزء التعليمات الموجه للمتعهدين الذي يشمل : شروط، كيفية واجال التعهد ، شروط القبول وكيفية الاختيار ، شروط وكيفية المنح ،الطعن في المنح .......الخ..
2- الشروط التي تنفذ وتنجز وفقها الصفقات:
- جزء التعليمات الإدارية العامة : الذي يشمل البنود الإدارية العامة وفقا للتنظيم الجاري : وهي مستمدة من النصوص الغير ملغاة لدفتر الشروط الإدارية العامة لسنة 64 ، محينة تماشيا مع متطلبات المادة 95 من قانون الصفقات الجديد.
- جزء دفتر التعليمات الخاصة بكل صفقة:
بالفرنسية ( CPS).
ويشمل على الأجزاء الخاصة التي تميز كل صفقة ، مستمدة ايضا من متطلبات المادة 95 من قانون الصفقات الجديد.
- جزء دفتر الشروط التقنية الخاصة والمشتركة :
بالفرنسية ( CCTC) و (CCTP)
التي ترتبط بإلحاجيات نفسها كما أشارت اليها المادة 27 لا سيما الفقرة 4 . حيث تنجز وتراقب وفق شروطها حاجيات مشتركة لنوع محدد من الصفقات وكذا اذا استلزم الأمر الحاجيات الخاصة بكل صفقة على حدة . والتي ألزمت بتبيانها ايضا المادة 95 من قانون الصفقات الجديد.
3- الشروط التي تضمن حسن التنفيذ و تراتيب ما بعد التنفيذ.
les garanties et les dispositions d'après vente .
وفي غياب ، او عدم إيفاء كما يجب، احدى هذه الأجزاء ، بدفتر الشروط ، نكون قد افقدنا صفقاتنا جزءا كبيرا من المناعة والنجاعة المطلوبة.
-------------------------------
هناك من يعتبر ويظن بان دفاتر الشروط ، حينما تتم دراستها و تاشيرها من قبل لجان الصفقات المختصة فهذا يعني انها ذات نجاعة وذات مصداقية .
كلا ، هذا غير صحيح (انظر المادة 195 و 202) ، لان لجان الصفقات المختصة ترفض منح التأشيرة عند فقط وجود عدم احترام للتشريع او للتنظيم المعمول به (وكذا احترام المبادئ الثلاث المحددة بالمادة 5 )
ولا تنظر ابدا الى مدى نجاعة الطلب نفسه او الى دقة تحديد الحاجيات او الى مدى تماشي معايير التقييم والأهداف المنتظر بلوغها . لانه ببساطة كل هذه النقاط من اختصاص ومن صلاحيات المصلحة المتعاقدة لوحدها وهي المسؤولة عن صدقها ومدى تماشيها مع ما هو مسطر و منتظر بلوغه.
و كل هذه نقاط فاعلة وفاعليتها لا تتكرس الا بإعطاء كل ذي شرط شرطه وعلينا الا نهتم فقط بالشكل و نهمل بل (نتغاضى) عن الأهم الذي هو المضمون والذي سرعان ما نصطدم في مرحلة ما (عند التقييم، او الاختيار، او التنفيذ) بدفاتر شروط بمضامين كارثية ينكشف فيها الإخفاق وعدم الدقة من هذا الجانب.
---------------------------------------
اخواني ان النصوص التطبيقية شيء وان دفتر الشروط بمفهومه الفاعل شيئ اخر ، لان الجزء الفاعل به ليس شكله بل مضمونه الذي تحدده و توجهه الضرورة التي تتطلبها وتستوجبها نجاعة الحاجيات التي ينبغي ان تحدد بكل دقة ، او على الأقل بتطبيق احكام المادتين 26 و 27 من قانون الصفقات الجديد و لا تحدد الا من طرف أهل الاختصاص.
-----------------------------------
اخواني ، هذا رأيي فقط ، فيما كنا نتداوله بالإمس القريب ، وما ينبغي لنا ان نحكم فيه ضمائرنا ونسخر له كفاءاتنا ، لحسن استعماله و تداوله خلال هذه المرحلة الجديدة الواعدة.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.